صحيفة النماص اليوم :
يُعِّرف قاموس أُكسفورد الزمن بأنه : عبارة عن تقدم مستمر في العمليات والأحداث اليومية. وفي هذا التعريف لم يوضح أُكسفورد ماهية تلك الأحداث ؟ وماهو حجمها ؟ وهل جميعها متساوية الحجم الزمني للثانية الواحدة ؟
نلاحظ في علم الكون أن هناك عمليات تقاس بالسنة الضوئية ” وهي المسافة التي يسير فيها الضوء بسرعة 300000000م/ث لمدة سنة كاملة ” بينما في المقابل زمن إثارة الكترون الذرة يقدر بـ جزء من مئة مليون جزء من الثانية ، كل هذه العمليات تتم على أساس نظام مرجعي أو إطار زمني ثابت ، و يبقى السؤال هل جميع الأنظمة الزمنية متماثلة ؟ وهل بمقدورنا تعيين نظام زمني كمرجع بديل عن النظام الحالي في حساب الزمن .
الزمن لا يدخل بشكل مباشر في جميع العمليات الكونية أو الذرية أو حتى اليومية ، وإنما هو تحصيل حاصل لتعاقب تلك الأحداث ، ولو افترضنا جدلاً أن كل شيء في هذا الكون توقف فجأة عن الحركة ، وأصبح في حالة شلل كامل ، فإنه واستناداً على مفهومنا العلمي لماهيّة الزمن، فإنه سيتلاشى ذلك العامل لعدم وجود أحداث أوعمليات في ذلك الكون .
لنفترض أن دوران الأرض حول محورها أو ما يسمى بـ ” اليوم الواحد ” يتم خلال فترة زمنية أقل مما هي عليه في الواقع ، فهل سنقول أن الأرض زادت من سرعتها ، أم أننا سنقول بأن الزمن قد تغير؟ الحقيقة أن ما يخص سرعة دوران الأرض هو شيء ملموس لاجدال فيه ، ومن مقياس زمني آخر نستطيع تضخيم ذلك الفارق الزمني أو تقليصه ، ولو أحدث ذلك تصادما مع قوانين الفيزياء التي تقول بأن زيادة مقدار السرعة عند نفس المسافة يقلل من مقدار الزمن ؛ وذلك لأن الإطارات الزمنية والمرجعيات في النظام الكوني ليست جميعها متماثلة .
العامل المهم في جميع عملياتنا اليومية والحياتية هو ما أسميته بالحجم الزمني للثانية الواحدة ، وهو ما سيحدد قيمة الزمن الذي نقيس ، ونحتاج إلى تعريف ذلك الحجم من خلال حِسبة رياضية سريعة :
كلنا نعلم أن السنة فيها : 365X 24X 60 X 60= 31536000 ثانية ، ولكن إذا ما افترضنا أن الفترة الزمنية لإنتقال عقرب الثواني في ساعة حائط من الرقم 1 إلى الرقم 2 – على سبيل المثال قد تقلصت إلى النصف وهذا ما نسميه بالحجم الزمني ، وسنعتبرها النقطة المرجعية لحساب ” الثانية ” – فعندئذٍ ستكون
الدقيقة = 120 ثانية ، وتصبح السنة الكاملة = 365X24x60 X120 = 63072000 ثانية ، أي زادت بمقدار الضعف وهذا صحيح رياضياً ، أما فعلياً فإننا لم نغير إلا في النقطة المرجعية فقط ، ولا يؤثر في ديناميكية العمليات ولا ميكانيكية الحركة ، وذلك بحكم تعاملنا مع الزمن كمرجع إسناد وليس كجزء من العملية .
يقول العلماء بأن الزمن يتوقف في حالتين : الأولى عندما يتوقف الكون كما ذكرنا سابقاً ، والثانية عندما تصل سرعة الأجسام إلى سرعة الضوء ، وكلتاهما مستحيلتان ، وكمثال سريع سنتطرق الى نظرية التوأمين لآينشتاين (Twins theory) والمسماة بمعضلة التوأمين حيث يقول : ” لو أن أحد التوأمين قام برحلة إلى الفضاء عبر مركبة فضائية تسير بسرعه عالية ، ثم عاد إلى الأرض ، فسيجد أنه قد أمضى من عمره زمناً أقل من أخيه الذي ظّل على الأرض . السبب هنا كما أسلفنا هو تغير النقطة المرجعية لحساب الزمن ، وإلا فإن نمو خلايا وأنسجة التوأم الأول لها نفس معدل نمو الآخر الذي لم يحظ برحلة السفر عبر الزمن .
في سويسرا عام 1967م ، تم تقدير ذلك الحجم الزمني للثانية من خلال قياس مقدار الذبذبة الناتجة عن كمية الإشعاعات الصادرة عن إثارة ذرة عنصر السيزيوم ، فتم الاتفاق على أن كل 9192631770 ذبذبة يساوي ثانية واحدة ، وعلى إثر ذلك تم تصنيع أول ساعة ذرية تعتمد على السيزيوم سميت بـ ( FOcs1)، ومن هذه المعادلة كانت بداية المنطلق لثورة الصناعة السويسرية في مجال الساعات .
ومع دقة الساعات الذرية ، إلا إن لها مقدار خطأ في حساب الوقت ، وحسب الإحصائيات الحديثة فإن هذا الخطأ يقدر بـ ” ثانية واحدة ” لكل 3 ملايين سنة !!
في النهاية ، قد تكون هناك فرصة لكبار السِّن لمحاولة تقليص أعمارهم والتمتع بأرقام عمرية أقل مما هي عليه ، وكل ما عليهم ببساطه هو الإستناد الزمني لذبذبة جديدة ناتجة من عنصر مشع آخر ، تكون كنقطة مرجعية لحساب الزمن الخاص بهم ، كالبربيديوم مثلاً والذي يتميز بنشاط إشعاعي أقل من السيزيوم ، ولكن تذكر أن هذا التغيير سيكون على الورق فقط !
للتواصل عبر تويتر:
@1111_azoz
التعليقات